شاب من العجيزي.. اشتغل شيفتين علشان يسدد دين أمه، فكان التوك توك أسرع من الحلم وموته عشان يلحق بأمه

كتبت - سالي محمود

في مدينة طنطا، وبالتحديد في شارع الجلاء أمام قسم تاني، توقفت عقارب الساعة على لحظة موجعة، راح فيها أحمد، شاب من منطقة العجيزي، بعدما صدمه “توك توك” وهو خارج من عمله في فرن “القيصر”.

لم يكن أحمد مجرمًا ولا مرفهًا ولا من أبناء الحظ.. كان شابًا بسيطًا جدًا، غلبانًا وجدعًا على حد وصف كل من عرفه. عاش عمره يكافح في صمت، ومات في لحظة عشوائية بدون حتى كلمة وداع.


من “القيصر” إلى طلبات.. أحمد ابن الناس اللي بيعرفوا الجدعنة

كان أحمد بيشتغل من بدري في اليوم، يبتدي بشغل في فرن القيصر بشارع الحلو، ولما يخلص، يكمّل اليوم بشغل تاني في خدمة “طلبات” لتوصيل الأكل.
حياته كانت كلها تعب.. تعب في شغل، وتعب في سداد ديون، وتعب في غياب اللي كانوا سند.


“داين نفسه علشان أمه”.. لكنه مدفعش نفسه

من حوالي سنة، دخلت والدة أحمد في أزمة صحية كبيرة، وكانت محتاجة عملية جراحية صعبة ومكلفة.
ما فكرش مرتين، ولا سأل حيعيش إزاي بعدها.. استلف وداين نفسه بكل اللي يقدر عليه علشان يعمل لها العملية، وفعلاً تمت.

لكن القدر كان أقوى.. توفّيت والدته بعد العملية بفترة قصيرة، وفضل أحمد شايل دينها فوق دماغه وقلبه، وبيشتغل ليل نهار علشان يسدد.


“لسه بيسدد لحد النهارده”.. لكن الموت سبقه

أحمد ما كانش لسه خلص ديونه، ولسه ما ارتاحش، ولسه ما حققش ولا حلم من أحلامه.
بس كان راجل، وراضي، وبيكافح.

يوم وفاته، خرج من شغله الصباحي في فرن القيصر، وماشي في شارع الجلاء، لما جه توك توك وصدمه بسرعة قاتلة.
مات في لحظتها.. من غير فرصة إنه يستوعب، أو حتى يرفع إيده ويقول “يا رب”.


اللي عرفوه قالوا: “كان مكافح من غير صوت”

أصحابه في الشغل قالوا إنه كان دايمًا بيساعد الكل، مبتسم، ساكت، وبيشيل همومه على جنب.
“كان بيرجع من الشيفت التاني على السحور، وينام ساعتين، ويبدأ يومه تاني.. وكل ده علشان يسدد الدين اللي على أمه” – قال زميله.


مات أحمد وفضل السؤال: هو ليه الطيبين بيروحوا بدري؟

حكاية أحمد مش بس حادثة.
هي حدوتة آلاف الشباب اللي بيشيلوا مسؤولية أكبر من طاقتهم، اللي ما بيشتكوش، واللي بيموتوا وإحنا مش حاسين بيهم.

مات أحمد، وساب لنا صدمة، وسؤال، ووجع مش سهل يتنسى.


ادعوا له بالرحمة والمغفرة

ندعوكم جميعًا للدعاء للشاب أحمد ابن طنطا والعجيزي، أن يتغمده الله بواسع رحمته، ويجعل مثواه الجنة، ويجزيه عن بره بوالدته خير الجزاء.

“اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسّع مدخله، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجمعه بمن أحب في دار لا تعب فيها ولا فقر”
“اللهم اجعل عمله صدقة جارية في ميزان حسناته، وثبته عند السؤال، واجعل البر الذي فعله في أمه شفيعًا له بين يديك”


رسالة لكل من قرأ:

لو شفت الحادث، أو عرفت أحمد، أو حتى ما تعرفوش..
ادعيله، وأحكي عنه، وخلّي سيرته الطيبة تفضل.
ربما الدعوة من غريب، تكون نور في قبره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى