سيدة بريطانية تعزف على آلة موسيقية أثناء جراحة دقيقة لعلاج مرض باركنسون| صور
كتبت/ مي السايح

في مشهد إنساني وطبي، شهد مستشفى كينجز كوليدج في لندن واحدة من أكثر العمليات دقة وإلهامًا، عندما خضعت سيدة بريطانية تبلغ من العمر 65 عامًا لجراحة في الدماغ استغرقت أربع ساعات كاملة، بينما كانت تعزف على آلة الكلارينيت داخل غرفة العمليات.
العملية لم تكن اعتيادية؛ فقد كانت المريضة تعاني من مرض باركنسون، وهو اضطراب عصبي تدريجي يؤثر على الحركة والتوازن نتيجة تلف أو اضطراب في الخلايا المسؤولة عن إنتاج مادة الدوبامين داخل الدماغ. ويُعد هذا المرض من الحالات المزمنة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، مسببةً بطء الحركة، وتيبس العضلات، ورعشة مستمرة في الأطراف.
ما هو التحفيز العميق للدماغ (Deep Brain Stimulation)؟
تُعرف هذه التقنية اختصارًا بـ DBS، وهي واحدة من أكثر الاكتشافات الطبية تقدمًا في علاج أمراض الجهاز العصبي.
تقوم فكرتها على زرع أقطاب كهربائية دقيقة داخل مناطق محددة من الدماغ، لتوليد نبضات كهربائية تعمل على تعديل الإشارات العصبية غير الطبيعية المسؤولة عن أعراض مثل التصلب والرعشة.
ويتم التحكم في كمية التحفيز عبر جهاز صغير يشبه منظم ضربات القلب، يُزرع تحت الجلد في الجزء العلوي من الصدر، ويتصل بالأقطاب عبر أسلاك تمر أسفل الجلد وصولًا إلى الدماغ.
خلال الجراحة، استخدم الفريق الطبي بقيادة أطباء الأعصاب وجراحي المخ والأعصاب مخدرًا موضعيًا فقط لتخدير فروة الرأس والجمجمة، بينما ظلت المريضة مستيقظة بالكامل لتتم مراقبة حركاتها العصبية أثناء العملية.
وفي لحظة فريدة من نوعها، بدأت المريضة بالعزف على الكلارينيت داخل غرفة العمليات — فكانت أنغامها بمثابة دليل حي على نجاح العملية.
ومع تشغيل التحفيز الكهربائي داخل الدماغ، لاحظ الأطباء تحسنًا فوريًا في حركة أصابعها، إذ استعادت يدها اليمنى مرونتها، ثم تكررت النتيجة نفسها بعد تحفيز الجانب الأيسر من الدماغ.
فريق طبي متكامل ونتائج فورية
قاد العملية فريق طبي متكامل ضم أطباء أعصاب، وأخصائيي تخدير، وأطباء نفسيين عصبيين، وممرضات تحفيز دماغ عميق، في تنسيق دقيق داخل غرفة العمليات.
وبمجرد تشغيل الأقطاب الكهربائية، لاحظ الفريق الطبي تحسنًا واضحًا في حركة المريضة، التي استطاعت العزف بسلاسة بعد سنوات من المعاناة من تصلب المفاصل وبطء الاستجابة العصبية.
وأكد المستشفى أن الدماغ لا يحتوي على مستقبلات للألم، ما يسمح بإجراء مثل هذه العمليات الدقيقة بينما يكون المريض مستيقظًا تمامًا.
تُعتبر هذه العملية مثالًا رائعًا على كيف يمكن للعلم أن يعيد للإنسان قدرته على الحياة الطبيعية، حيث أصبح التحفيز العميق للدماغ وسيلة فعالة لتحسين جودة حياة المصابين بمرض باركنسون، وتقليل اعتمادهم على الأدوية التي غالبًا ما تفقد فعاليتها بمرور الوقت.
شاهد ايضًا: بعد 18 عامًا من الحرمان .. رقية تناشد لإنقاذ ابنها الوحيد علي من مرض نادر وتعلق: علاجة حقنة ب 150 مليون جنيه
ماهو مرض باركنسون
هو اضطراب تنكسي مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، تحديدًا منطقة في الدماغ تُسمى المادة السوداء، المسؤولة عن إنتاج مادة الدوبامين التي تنقل الإشارات بين خلايا الدماغ المسؤولة عن الحركة.
يظهر المرض عادة بعد سن الخمسين، وتتدرج أعراضه بين:
- رعشة في اليدين أو الرأس.
- بطء في الحركة وصعوبة في المشي.
- تيبس العضلات وفقدان التوازن.
- تغيرات في الكلام والمزاج والنوم.