جراح بيحكي: “ربنا ركبني العربية بالغلط عشان أنقذ حياة ست عجوز”
كتبت/ مي السايح

في موقف إنساني نادر يجمع بين الصدفة والإرادة الإلهية، روى الدكتور بيشوي صفوت، جراح الجهاز الهضمي بالقصر العيني، واقعة حقيقية حدثت معه في مترو القاهرة، حين وجد نفسه داخل عربة السيدات بالخطأ، ليكتشف لاحقًا أن وجوده في هذا المكان لم يكن مصادفة عادية، بل لحكمة من الله تعالى لإنقاذ سيدة مسنة كانت تحتاج المساعدة الطبية بشكل عاجل.
يقول الدكتور بيشوي صفوت في روايته التي نشرها على صفحته الشخصية: “كنت مخلص شغل في المهندسين، ورايح شغل تاني، والمفروض أروح بأوبر زي كل مرة، لكن المرة دي قررت أركب المترو لألحق الشغل التاني لأني كنت متأخر شوية، رغم إن اللي يعرفني عارف إني إنسان هادي جدًا ومبتسربعش، بس المرة دي حسّيت إن ضميري بيزن عليا أتحرك بسرعة.”
شاهد: طبيب جراح يحذر: “حبة الغلة” لا علاج لها.. والذكاء الاصطناعي ليس حلاً سحريًا
ويتابع: “الطريف إنّي نزلت بالاسكراب بتاع الدكاترة، مع إني عادة بغير هدومي قبل ما أخرج، بس المرة دي نزلت بيه. وصلت محطة المترو وسمعت صوت القطر نازل، فجريت ونطيت أول عربية قدامي… ولما دخلت، اكتشفت إنها عربية السيدات!”
ويصف الجراح لحظة الارتباك التي شعر بها قائلًا: “المنظر كان صعب جدًا، والستات كلها بصتلي باستغراب. واحدة ست تلاتينية قالتلي بنبرة حادة: (إيه اللي ركبك عربية السيدات يا أستاذ؟)، فاعتذرت فورًا وقلت إني هنزل في المحطة الجاية ومكنتش أقصد.”
لكن الموقف لم ينته عند هذا الحد، إذ حدث ما لم يكن في الحسبان، فبينما ينتظر الدكتور النزول، نادته سيدة مسنة في السبعين من عمرها، وقالت له بصوت متعب: “إنت دكتور يا ابني؟”
فأجابها: “أيوه يا حاجة، أنا دكتور جراحة جهاز هضمي”.
لتبدأ السيدة في سرد معاناتها قائلة:
“بقالى شهرين بحس بوجع في بطني، عملت أشعة وقالولي عندي ورم في الأمعاء، والدكتور قالي عايزة عملية ومش قادرة أدفع المبلغ الكبير.”
يقول بيشوي: “بصراحة، اتصدمت من التوقيت. ست غلبانة بتدور على دكتور يساعدها، وربنا ركبني عربية السيدات بالغلط وأنا لابس لبس الدكاترة، وجابني قدامها! قولتلها ببساطة: يا حاجة متقلقيش، أنا في نفس التخصص، وهساعدك وهنعمل العملية ببلاش في القصر العيني.”
ويضيف الجراح متأملاً: “ساعتها بس فهمت إن كل اللي حصل مش صدفة… ربنا هو اللي رتب كل حاجة. خلاني أقرر أركب المترو بدل العربية، وخلاني أسرع وأنا مش من طبعي الاستعجال، وخلاني ألبس الاسكراب بدل هدومي العادية… كل ده عشان أقابل الست دي وأسعدها.”
ثم يختتم الدكتور بيشوي روايته بتأمل مؤثر: “يمكن الست دي كانت بتدعي في اللحظة دي، وقالت يا رب ساعدني. فربنا مش بس سمعها، ده بعتلها المساعدة لحد عندها، في عربية السيدات كمان! سبحانك يا رب، أنت مش بس بتستجيب الدعاء، أنت بتوصّله للي محتاجه في وقته.”
شاهد: طبيبة جراحة: ست كبيرة قالتلي اكشفي عليا انتي واستريني .. ليه مطلوب طبيبات في كل التخصصات!!
دلالة إنسانية ورسالة أمل
قصة الدكتور بيشوي صفوت أثارت تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبرها كثيرون نموذجًا لما يمكن أن تصنعه “النية الصافية والدعاء الصادق”، ورسالة تذكير بأن الخير لا يزال موجودًا، وأن “الصدف” قد تكون أحيانًا ترتيبًا إلهيًا دقيقًا لخدمة الغير.
ويؤكد خبراء علم النفس أن مثل هذه المواقف تُظهر أهمية “التلقائية الإنسانية” في تقديم العون دون تخطيط، وأن شعور الفرد بالمسؤولية تجاه الآخرين هو ما يجعل المجتمعات أكثر ترابطًا ورحمة.
كما أشار بعض الأطباء عبر تعليقاتهم إلى أن الموقف يجسد صورة الطبيب المصري الحقيقي، الذي لا يتردد في مساعدة المرضى حتى خارج عيادته، وبلا مقابل، وهي قيمة أخلاقية تستحق التقدير والتعميم.