بعد قدوم الطفل.. هل تتغير مشاعر الحب؟

كتبت - منى عبد المنعم

يمثل قدوم الطفل فرحة كبيرة في حياة الزوجين، لكنه في الوقت ذاته يحمل العديد من التحديات، خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقة العاطفية والحميمية بين الشريكين. فالتغييرات الهرمونية، التعب الجسدي، وتزايد المسؤوليات قد تخلق فجوة مؤقتة في العلاقة، وهنا يظهر السؤال: هل يمكن للعلاقة بين الزوجين أن تبقى قوية بعد الإنجاب؟

بحسب ما أوضح د. شريف فتحي، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، لمنصة طب توداي، فإن التغيرات التي تطرأ على العلاقة بين الزوجين بعد الإنجاب هي أمر طبيعي ومتوقع، لكن الوعي بها والتعامل معها بذكاء يساعد على تجاوزها دون أن تترك آثارًا سلبية دائمة.


أول صدمة: تغير الأولويات بعد قدوم الطفل

يجد الكثير من الأزواج أنفسهم فجأة في عالم جديد بعد ولادة الطفل، حيث تتغير الأولويات بشكل كبير. تصبح رعاية الطفل وتأمين احتياجاته في مقدمة الاهتمامات، مما يقلل من الوقت المخصص للحوار أو العلاقة الحميمة بين الشريكين.

نصيحة طب توداي:
حددوا وقتًا أسبوعيًا خاصًا بكما كزوجين، حتى وإن كان قصيرًا، لتجديد العلاقة واستعادة الحميمية بعيدًا عن مسؤوليات الأبوة.


التعب الجسدي والنفسي.. عدو العلاقة الأول

تشعر المرأة بعد الولادة بإجهاد بدني ونفسي كبير، خاصةً مع التغيرات الهرمونية، قلة النوم، والرضاعة. وفي الوقت نفسه، يشعر الرجل أحيانًا بالإقصاء أو أنه لم يعد في مركز الاهتمام.

يقول د. شريف فتحي: “من المهم أن يدرك كل طرف معاناة الآخر. المرأة تحتاج إلى دعم واحتواء، والرجل بحاجة إلى تقدير لدوره الجديد، وعدم تهميش مشاعره”.


فتور المشاعر بعد الإنجاب: هل هو طبيعي؟

كثير من الأزواج يشعرون ببرود في العلاقة العاطفية أو الحميمية بعد ولادة الطفل. وقد يتساءلون: هل هذا طبيعي؟ والإجابة: نعم، لكنه مؤقت إذا تم التعامل معه بحكمة.

طرق معالجة الفتور:

  • التعبير عن المشاعر يوميًا بكلمات بسيطة.
  • لمس اليد أو العناق بشكل عفوي.
  • الاهتمام بالمظهر الشخصي قدر الإمكان.
  • تخصيص وقت للحوار الهادئ بعيدًا عن صراخ الأطفال.

التحدي الأكبر: العلاقة الحميمية بعد الولادة

من أكبر التحديات التي تواجه العلاقة بين الزوجين بعد الإنجاب هي استئناف العلاقة الحميمية. فالمرأة قد تحتاج إلى وقت جسدي ونفسي للتعافي، والرجل قد يشعر بالإحباط أو التوتر بسبب التأخير.

توصية طب توداي:
لا تضغط على العلاقة. الحوار هو الحل، ويمكن استشارة طبيب متخصص في حال وجود مشاكل عضوية أو نفسية.


الغيرة من الطفل.. شعور غير معترف به

قد يشعر أحد الزوجين، وخاصة الرجل، بشيء من الغيرة تجاه الطفل، الذي يستحوذ على معظم اهتمام الطرف الآخر، خصوصًا الأم. هذه الغيرة غالبًا ما تكون غير معلنة، لكنها قد تظهر في شكل تصرفات غير مفهومة أو توتر غير مبرر.

رأي د. شريف فتحي:
“الاعتراف بالمشاعر – حتى الغيرة – هو أول خطوة للعلاج. على الزوج أن يدرك أن الاهتمام بالطفل لا يعني تقليل الحب له، وعلى الزوجة أن توازن بين الدورين: الأم والزوجة”.


كيف يستعيد الزوجان توازنهما بعد الإنجاب؟

لتحقيق التوازن بين دور الأبوين ودور الزوجين، لا بد من الالتزام بعدد من الخطوات العملية:

  • الحوار اليومي: حتى وإن كان لخمس دقائق، مهم جدًا لفهم ما يمر به الطرف الآخر.
  • تقسيم الأدوار: لا يجب أن تتحمل الأم كل شيء. مشاركة الزوج في مهام الرعاية يقرب المسافات.
  • دعم الأسرة: يمكن الاعتماد على الأهل في أوقات معينة للحصول على فترة راحة للزوجين.
  • طلب المساعدة النفسية: إذا شعر أحد الزوجين بالاكتئاب أو الفتور الشديد، فلا عيب في التوجه لمختص نفسي.

الأب الجديد.. هل يشعر بالتهميش؟

غالبًا ما يشعر الأب بعد الإنجاب بأن العلاقة تحولت بالكامل بين الأم والطفل، وأنه لم يعد جزءًا أساسيًا في المعادلة. هذا الإحساس بالتهميش قد يتطور إلى فتور أو انسحاب عاطفي.

نصيحة د. شريف فتحي:
“الزوجة الذكية تعي أهمية إشراك الزوج في تفاصيل الطفل منذ اللحظة الأولى، وتشجعه على اللعب معه، وحمله، والمشاركة في الرعاية اليومية”.


دور الطبيب النفسي في دعم العلاقة بعد الإنجاب

قد تكون التغيرات العاطفية والنفسية بعد الإنجاب سببًا في ظهور بعض الاضطرابات، مثل الاكتئاب ما بعد الولادة، أو القلق المستمر، أو حتى اضطرابات العلاقة الحميمة. وهنا يأتي دور الطبيب النفسي في تقديم الدعم والمشورة لتخطي المرحلة دون أزمات.

منصة طب توداي تؤكد أن زيارة الطبيب النفسي ليست دليلاً على الضعف، بل على وعي الطرفين وحرصهما على إنجاح العلاقة.


ختامًا: الحب بعد الإنجاب.. تحدٍ يمكن كسبه

صحيح أن الإنجاب يغيّر الكثير في حياة الزوجين، لكنه لا يعني نهاية العلاقة، بل بداية مرحلة جديدة قائمة على النضج والتفاهم. والمفتاح هو: الحوار، الدعم المتبادل، واستمرار التعبير عن الحب بكل الأشكال الممكنة.


حقوق النشر والطبع:

جميع الحقوق محفوظة © لمنصة طب توداي.
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى