الطفل “آدم” بين الحياة والموت: الناجي الوحيد من أبناء الطبيبة آلاء النجار التسعة
كتبت مي علوش

في غرفة باردة داخل أحد المستشفيات الميدانية، يرقد الطفل “آدم” في صمت ثقيل. هو الناجي الوحيد من بين عشرة أطفال كانت تملأ ضحكاتهم البيت، قبل أن تخمدها نيران الحرب. إلى جانبه، تجلس خالته، تواسيه وتواسي نفسها، بينما يحوم شبح الفقد حول السرير الأبيض.
أبناء آلاء النجار.. تسعة أرواح صعدت دفعة واحدة
آدم هو آخر ما تبقى من أبناء الدكتورة آلاء النجار وزوجها الدكتور حمدي. تسعة من إخوته قضوا في قصف عنيف استهدف منزل العائلة في قطاع غزة. أما والده، فيرقد في غيبوبة دامية يصارع الموت، فيما خيم الحزن على كل من عرف هذه العائلة الطبية التي كرّست نفسها لخدمة الجرحى والمصابين.
مصرية الهوى والموقف.. آلاء النجار رفضت الهروب من غزة
آلاء النجار وزوجها، كلاهما من حملة الجنسية المصرية. ومع اشتداد العدوان، ناشدهم أهلهم في مصر أن يعودوا، أن ينجوا بأنفسهم، أن يفرّوا بأرواحهم من جحيم الحرب. لكن آلاء وزوجها اختارا البقاء. فضّلا أن يكونا بلسمًا للجرحى بدل أن يكونا ناجيين بين الناجين.
الملاذ كان الميدان.. والنجاة كانت الرباط
لم تغادر آلاء الميدان. اختارت أن تداوي، أن تثبّت الجرحى، أن تواسي الأمهات. آمنت أن وجودها هناك هو رسالتها، وأن البقاء إلى جانب أهل غزة هو واجب لا يُؤجل. فكانت شاهدة على الجراح، ثم كانت وأطفالها من شهداء الجراح.
وفي هذا السياق، أصدرت نقابة أطباء مصر بيانًا نعت فيه الطبيبة الفلسطينية الصابرة، ووصفتها بـ”أم الشهداء”، وأكدت أن ما جرى ليس حادثًا عرضيًا، بل جريمة مكتملة الأركان.
وأعلنت النقابة تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني، مطالبة بفتح تحقيق دولي عاجل وشفاف في الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في قطاع غزة، وفي مقدمتها المجازر التي تستهدف الأسر والأطقم الطبية والمنشآت الصحية.
صرخة في وجه الصمت
وأكد البيان أن استهداف منزل الطبيبة آلاء النجار يُعد دليلًا دامغًا على وحشية الاحتلال، ودعوة لكل الضمائر الحية حول العالم للتحرك الفوري، ووقف هذا النزيف المستمر للدم الفلسطيني. وأشارت النقابة إلى أن صمت المجتمع الدولي، وعجز العالم العربي، لا يليق بتاريخ الأمة ولا بكرامتها.
واختتم البيان بدعوة إلى المؤسسات العربية والدولية لتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية، مؤكدة أن ما يجري ليس مجرد مأساة إنسانية، بل اختبار لشرف الأمة وكرامة الإنسان في كل مكان