لازم تعرف الإرهاق الذهني بيعمل فيك إيه؟
كتبت - سناء محمود

هل شعرت يومًا بأنك منهك عقليًا رغم أنك لم تبذل مجهودًا جسديًا كبيرًا؟ هل تستيقظ صباحًا وأنت لا تزال تشعر بالتعب وكأن دماغك لا يريد أن يعمل؟ كثيرون يعانون من ما يُعرف بـ**”الإرهاق الذهني المزمن”**، وهي حالة غامضة تشبه إلى حد كبير متلازمة التعب المزمن أو حتى الاكتئاب، لكنها تختلف في طبيعتها وتأثيرها على الوظائف العصبية والإدراكية.
فهل الإرهاق العقلي المستمر مجرد شعور؟ أم أنه مؤشر على مشكلة عصبية حقيقية؟
🧑⚕️ رأي الطبيب:
يفسر د. ياسر عبد العليم، استشاري أمراض المخ والأعصاب والوظائف المعرفية، في حديثه لمنصة طب توداي، أن الإرهاق الذهني المزمن بات واحدًا من أكثر الشكاوى شيوعًا في العيادات العصبية، خاصة مع أنماط الحياة المتسارعة والعمل المستمر أمام الشاشات. ويضيف:
“الدماغ مثل أي عضلة أخرى… إذا أُرهق لفترة طويلة دون راحة، يفقد قدرته على الأداء الأمثل. الأمر قد يتطور إلى تدهور في التركيز والذاكرة والحالة النفسية أيضًا.”
🔹 ما المقصود بالإرهاق الذهني المزمن؟
هي حالة من التعب العقلي المستمر، يشعر فيها الشخص بصعوبة في التفكير، وبطء في المعالجة الذهنية، وضعف في التركيز والذاكرة، حتى بعد راحة جسدية كافية.
ولا ترتبط هذه الحالة بمجهود عضلي أو نقص نوم فقط، بل بانهاك الجهاز العصبي المركزي نتيجة الضغط المستمر وقلة الاستشفاء العقلي.
🔹 أبرز الأعراض:
- صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرار
- الشعور بـ”ضبابية الدماغ” أو التوهان
- نسيان متكرر للمعلومات البسيطة
- سرعة التهيج أو انخفاض الحافز
- صداع مستمر أو ضغط بالرأس
- رغبة دائمة في الانعزال
- اضطرابات النوم رغم الشعور بالإرهاق
🔹 الأسباب المحتملة:
1. العمل الذهني المتواصل دون راحة
الوظائف التي تتطلب تركيزًا عاليًا لفترات طويلة (مثل البرمجة، الترجمة، الإدارة، التعليم)
2. التعرض المستمر للشاشات
التنقل بين الهاتف، الحاسوب، التلفاز… دون فواصل ذهنية
3. التوتر والقلق المزمن
يستنزف موارد الدماغ ويُفرط في تنشيط الجهاز العصبي
4. نقص الفيتامينات والمعادن
خاصة فيتامين B12، المغنيسيوم، وفيتامين D
5. اضطرابات النوم أو الاكتئاب المقنّع
🔹 هل هو مرض عصبي أم نفسي؟
يؤكد د. ياسر عبد العليم أن الإرهاق الذهني المزمن لا يُصنف كمرض مستقل في كتب الأعصاب، لكنه يُعد عرضًا مشتركًا بين عدد من الاضطرابات العصبية والنفسية. وقد يكون بداية لمرض مثل:
- التصلب المتعدد (MS)
- اضطراب نقص الانتباه عند الكبار
- الاكتئاب أو اضطراب القلق العام
- ضعف التروية الدموية الدماغية
🔹 كيف يتم التشخيص؟
- تقييم عصبي شامل يتضمن الفحص الإدراكي والوظائف التنفيذية
- اختبارات الذاكرة والتركيز (مثل اختبار MoCA أو Mini-Mental)
- تحاليل الدم لاستبعاد نقص فيتامينات أو خلل في الغدة الدرقية
- رنين مغناطيسي على المخ إذا اشتبه الطبيب في خلل عضوي
- تقييم النوم عند وجود أرق أو نوم غير منعش
🔹 الخطة العلاجية المقترحة:
أولًا: إعادة توازن نمط الحياة
- تقسيم المهام الذهنية إلى فترات قصيرة
- أخذ فواصل منتظمة كل 60-90 دقيقة
- تنظيم النوم (عدد ساعات كافية وجودة نوم حقيقية)
ثانيًا: التغذية الداعمة للدماغ
- أطعمة غنية بالأوميغا 3 (مثل الأسماك والمكسرات)
- الفيتامينات B وD والمغنيسيوم
- الإكثار من شرب الماء وتجنب الكافيين الزائد
ثالثًا: تدريبات ذهنية
- تمارين الذاكرة والألعاب الذكية
- القراءة اليومية والتركيز على نشاط واحد في الوقت
رابعًا: العلاج النفسي عند الحاجة
- جلسات إدارة التوتر
- تقنيات الاسترخاء (التأمل، التنفس العميق، اليقظة الذهنية)
خامسًا: علاج السبب العضوي إن وُجد
🔹 هل يمكن الشفاء التام؟
نعم، في معظم الحالات يعود الدماغ إلى كامل طاقته إذا تم إعطاؤه الراحة والتغذية الذهنية المناسبة، وتفادي الأسباب المزمنة للإرهاق. لكن في الحالات التي تتأخر في التشخيص، قد تتدهور الوظائف الذهنية بشكل متدرج.
🔹 نصيحة د. ياسر عبد العليم عبر “طب توداي”:
“لا تنتظر حتى تفقد القدرة على التركيز أو تبدأ بالنسيان المتكرر لتدرك أن دماغك بحاجة إلى راحة. راحة العقل ليست رفاهية، بل ضرورة بيولوجية.”
🟢 الختام:
الإرهاق العقلي المستمر ليس مجرد كسل أو تراجع مؤقت في النشاط. إنه تنبيه من الدماغ بأن الطاقة الذهنية قد استُنزفت. وفي عالم يتسابق على الإنتاجية، تذكّر أن الراحة الذكية هي سر الاستمرارية لا التوقف.
📌 ملاحظة ختامية:
جميع الحقوق محفوظة لمنصة طب توداي، المنصة الأهم والأكبر والأولى في مصر والمنطقة العربية.