“احذر لحم الأضحية… العيد قد يُكلفك ابتسامتك!”
كتبت رباب حمدي

مع حلول عيد الأضحى… فرحة اللحم قد تُكلّفنا صحة الفم!
يُعد عيد الأضحى مناسبة دينية واجتماعية عظيمة يتشارك فيها الناس الأضحية وتناول اللحوم بمختلف أشكالها. وبين الولائم العامرة والمشاوي المتنوعة، قد يغيب عن أذهان الكثيرين أن الإفراط في تناول لحوم الأضحية يمكن أن يُلقي بظلاله على صحة الأسنان والفم. فهل يمكن أن يتحول “لحم العيد” من مصدر سعادة إلى سبب في تسوّس الأسنان والتهابات اللثة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا التقرير من “طب توداي”، مع تقديم نصائح عملية للوقاية والحفاظ على صحة الفم خلال العيد.
الإفراط في تناول اللحوم: ما المشكلة؟
اللحوم، بطبيعتها، غنية بالبروتينات والدهون، وتحتاج إلى وقت طويل نسبيًا في المضغ والهضم. عندما نتحدث عن لحوم الأضاحي بالتحديد، فنحن أمام لحوم حمراء غالبًا ما تكون دسمة، وأحيانًا تُطهى بأساليب تعتمد على التحمير أو الشواء، ما يزيد من صلابتها ويجعلها أكثر عرضة لأن تعلق بين الأسنان.
من أين يبدأ الضرر؟
- اللحوم العالقة بين الأسنان: قطع اللحم الليفية قد تعلق بسهولة بين الأسنان، خاصة إذا لم يتم تنظيف الفم جيدًا بعد الأكل. هذه البقايا تصبح بيئة خصبة لنمو البكتيريا التي تُنتج أحماضًا تهاجم مينا الأسنان.
- زيادة نشاط البكتيريا الفموية: البروتينات والدهون الزائدة قد تُحفز بعض أنواع البكتيريا في الفم، مما يؤدي إلى تكاثرها وتراكمها على الأسنان واللثة.
- الجفاف ونقص اللعاب: تناول كميات كبيرة من البروتين دون شرب كافٍ من الماء يؤدي إلى نقص في إفراز اللعاب، وهو خط الدفاع الأول ضد البكتيريا. نقص اللعاب يعني زيادة فرص الإصابة بالتسوّس.
اللحوم الحمراء ومينا الأسنان: علاقة غير متوازنة
قد يتفاجأ البعض بأن اللحوم نفسها ليست سكرية، فكيف يمكن أن تسبب تسوّس الأسنان؟ الحقيقة أن الخطر لا يقتصر على السكريات فقط. فعندما تبقى بقايا الطعام، خاصة البروتينية، في الفم لفترة طويلة، فإنها تتحلل بواسطة البكتيريا، مما يؤدي إلى تكوين مركبات كيميائية حامضية تُضعف طبقة المينا بمرور الوقت.
إضافة إلى ذلك، فإن تناول اللحوم غالبًا ما يترافق مع أطعمة أخرى قد تحتوي على كربوهيدرات أو مشروبات غازية وسكريات، ما يفاقم الضرر.
أبرز مشكلات الأسنان المرتبطة بلحوم الأضحية
- التسوّس: تبدأ البكتيريا في استهلاك بقايا الطعام وإنتاج الأحماض التي تؤدي إلى ثقوب صغيرة في الأسنان.
- رائحة الفم الكريهة: تراكم اللحوم بين الأسنان يؤدي إلى تحللها وصدور رائحة مزعجة.
- التهاب اللثة: بقاء البكتيريا لفترة طويلة يسبب تهيجًا في اللثة واحمرارها وربما نزيفها.
- تكسر الحشوات أو التلبيسات: مضغ اللحوم القاسية أو العظمية قد يؤدي إلى تلف التركيبات السنية.
- مشاكل في الفك والمفصل الفكي الصدغي: نتيجة المضغ الزائد والإجهاد على عضلات الفك.
سبل الوقاية… كيف نحمي أسناننا خلال العيد؟
فيما يلي مجموعة من نصائح طب توداي التي يُنصح باتباعها للحفاظ على صحة الأسنان في عيد الأضحى:
1. لا تؤجل تنظيف فمك بعد الأكل
ينبغي تنظيف الأسنان بعد كل وجبة تحتوي على لحوم، سواء باستخدام الفرشاة أو خيط الأسنان. فالخيط السني يزيل بقايا الطعام من الأماكن التي لا تصل إليها الفرشاة.
2. استخدام غسول فم مضاد للبكتيريا
غسول الفم الذي يحتوي على الكلورهيكسيدين أو مواد مطهّرة أخرى يساعد في القضاء على البكتيريا وتقليل رائحة الفم.
3. مضغ العلكة الخالية من السكر
يُحفز إفراز اللعاب، مما يساعد في تنظيف الفم طبيعيًا وتقليل الحموضة الناتجة عن البكتيريا.
4. الإكثار من شرب الماء
يساعد الماء على غسل الفم وترطيب اللثة وتحفيز اللعاب، مما يقلل من فرص تراكم البكتيريا.
5. الاعتدال في تناول اللحوم
تناول اللحوم بكميات معتدلة، مع التأكد من تقطيعها جيدًا قبل المضغ، يقلل من فرصة تعلقها بين الأسنان ويخفف الضغط على عضلات الفك.
اللحوم المصحوبة بالسكريات: المعادلة الأسوأ
في كثير من ثقافاتنا، تأتي اللحوم مع الحلويات أو المشروبات الغازية. هذه المعادلة تؤدي إلى ارتفاع خطر التسوّس أضعافًا مضاعفة. فحين تختلط بقايا اللحوم مع السكر، تُصبح بيئة الفم أكثر حموضة وأسرع تآكلاً للمينا.
نصيحة طب توداي: إذا اضطررت لتناول الحلويات بعد اللحوم، انتظر نصف ساعة قبل تنظيف أسنانك، لأن المينا تكون في حالة ضعف مؤقت بعد تناول الأطعمة الحمضية أو السكرية.
زيارة الطبيب بعد العيد… لا تؤجلها!
ينصح أطباء الأسنان بإجراء فحص دوري كل ستة أشهر، لكن بعد عيد الأضحى تحديدًا، قد يكون من المفيد الخضوع لفحص سريع للتأكد من عدم وجود بدايات تسوّس أو التهابات في اللثة، خاصة إذا شعر الشخص بأي من الأعراض التالية:
- ألم مفاجئ في الأسنان
- حساسية تجاه الماء البارد أو الساخن
- رائحة فم كريهة مستمرة
- نزيف في اللثة عند تنظيف الأسنان
صحة الفم تبدأ من المطبخ
لا يجب أن تكون الوقاية مقتصرة على ما بعد تناول الطعام، بل تبدأ من طريقة إعداد اللحوم نفسها. فمثلاً:
- طهي اللحوم ببطء يجعلها أكثر ليونة وسهلة المضغ.
- تجنب اللحوم المحروقة أو المطهوة على الفحم مباشرة يقلل من خطر إصابة اللثة.
- استخدام الأعشاب مثل الزعتر أو القرنفل له تأثير مطهّر طبيعي ومفيد لصحة الفم.
ماذا عن الأطفال وكبار السن؟
يُعتبر الأطفال وكبار السن الفئات الأكثر عرضة لمشكلات الفم خلال العيد. الأطفال قد يفتقرون للعناية الدقيقة بأسنانهم، بينما قد يعاني كبار السن من أطقم صناعية أو تركيبات قد تتأثر بنوعية الطعام.
نصائح طب توداي للفئات الخاصة:
- تعليم الأطفال استخدام الخيط السني يوميًا.
- عدم تقديم اللحوم القاسية للأطفال أو كبار السن.
- تنظيف أطقم الأسنان فورًا بعد الأكل.
- تجنب اللحوم المحشوة بالتوابل الحارة لكبار السن.