أمراض الأطفال المزمنة: كيف تتعامل الأسرة مع التحديات اليومية؟
كتبت رباب وهبة

في عالم يُفترض أن يكون الطفولة فيه مرادفًا للصحة والنشاط، تأتي الأمراض المزمنة لدى الأطفال لتقلب موازين الحياة، لا على الصغار فقط، بل على أسرهم أيضًا.
من الربو المزمن والسكري من النوع الأول، إلى الصرع وأمراض القلب الخِلقية، يجد الأهل أنفسهم في مواجهة يومية مع تحديات طبية، ونفسية، ومجتمعية تتطلب صبرًا، ومعرفة، ودعمًا مستمرًا.
ويقول الدكتور عمرو عبد الوهاب بدير، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة:
“الطفل المصاب بمرض مزمن لا يحتاج فقط إلى دواء، بل إلى بيئة متفهمة، ورعاية نفسية، وتكامل بين الأسرة والفريق الطبي والمدرسة والمجتمع”.
🩺 أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا عند الأطفال
- الربو الشعبي المزمن
- السكري من النوع الأول
- أمراض القلب الخلقية
- الصرع
- أمراض الجهاز الهضمي المزمنة مثل داء كرون أو القولون التقرحي
- أمراض الدم مثل أنيميا البحر المتوسط والثلاسيميا
- الأمراض المناعية والوراثية
هذه الأمراض تحتاج إلى علاج طويل الأمد، ومتابعة دورية، وقد تؤثر على النمو، والتحصيل الدراسي، والحالة النفسية للطفل.
🧠 الأثر النفسي للمرض المزمن على الطفل
يشير د. عمرو عبد الوهاب إلى أن “الطفل المصاب بمرض مزمن يمر بمراحل نفسية مشابهة لمراحل الحزن: الإنكار، الغضب، المساومة، الحزن، ثم التقبل”.
وفي بعض الحالات، قد يشعر الطفل بالعزلة أو النقص أو الرفض الاجتماعي، خاصة إذا كان المرض ظاهرًا كاستخدام أجهزة استنشاق، أو مضخة أنسولين، أو تغيرات جسدية ناتجة عن العلاج.
لذا من الضروري أن يتلقى دعمًا نفسيًا من الأهل والأطباء والمعلمين، مع إدماجه في الحياة الطبيعية بقدر الإمكان.
👨👩👧👦 دور الأسرة.. حجر الأساس في رحلة العلاج
تلعب الأسرة دورًا محوريًا في حياة الطفل المريض، ومن أهم ما يمكن أن يقدمه الأهل:
- تفهم الحالة المرضية جيدًا والتواصل المستمر مع الطبيب
- التزام صارم بخطة العلاج سواء دوائيًا أو غذائيًا أو بدنيًا
- تعزيز ثقة الطفل بنفسه رغم المرض
- إشراك الطفل في الأنشطة الاجتماعية والمناسبات مع الحرص على احتياجاته
- عدم الإفراط في الحماية حتى لا يشعر بالعجز أو الضعف
ويقول د. عمرو عبد الوهاب:
“يجب ألا يشعر الطفل بأن المرض عقوبة، بل أنه قادر على التكيف معه والنجاح رغم وجوده”.
🏫 المدرسة.. شريك مهم في رعاية الطفل
التعاون بين الأسرة والمدرسة أمر بالغ الأهمية. يجب إبلاغ المدرسة عن طبيعة المرض، وكيفية التعامل مع الأزمات المحتملة مثل انخفاض السكر أو نوبة ربو.
كما ينبغي توعية المدرسين وزملاء الطفل، دون إحداث تمييز، وذلك حتى يشعر الطفل بالأمان والانتماء داخل المجتمع المدرسي.
🍎 التغذية السليمة والنشاط البدني
لا تقل أهمية التغذية عن أهمية الدواء، فبعض الأمراض المزمنة تتطلب أنظمة غذائية دقيقة، كمرض السكري أو بعض أمراض المناعة.
كذلك يجب تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة المناسبة لحالته، فهي تحسن المزاج، وتقوي المناعة، وتساعد في السيطرة على بعض الأعراض.
🚨 كيف تتعامل مع نوبة طارئة؟
في بعض الأمراض كـالربو أو الصرع أو نقص السكر، قد تحدث نوبة مفاجئة. وهنا يجب:
- التعرف على علامات الخطر مبكرًا
- الاحتفاظ بأدوية الطوارئ دائمًا (مثل بخاخ الربو أو حقنة الجلوكاجون)
- تعليم الطفل كيف يطلب المساعدة
- تدريب أفراد الأسرة والمدرسة على الإسعافات الأولية الأساسية
🌈 قصص النجاح كثيرة.. والأمل موجود
يختتم د. عمرو عبد الوهاب حديثه قائلاً:
“رأيت عشرات الأطفال المصابين بأمراض مزمنة يكبرون، ينجحون، ويتفوقون. المرض ليس نهاية الطريق، بل بداية لرحلة تحدٍّ تحتاج إلى الوعي والاحتواء”.
إن الأطفال المصابين بأمراض مزمنة يمكنهم أن يعيشوا حياة كاملة، بشرط أن يجدوا دعمًا طبيًا وإنسانيًا من أسرهم ومجتمعهم، وأن نغرس فيهم الثقة بأن المرض لا يعرف قلوبًا ضعيفة.