بين الشائعات والحقيقة.. هل فعلاً حبوب منع الحمل ممكن تسبب السرطان؟

كتبت - هاجر محمد

حبوب منع الحمل من أكثر الوسائل استخدامًا بين السيدات حول العالم لتنظيم الأسرة. ومع انتشار استخدامها، انتشرت أيضًا الكثير من التساؤلات والمخاوف، أبرزها: هل تسبب حبوب منع الحمل مرض السرطان؟ هذا السؤال قديم متجدد، ويستحق أن نتناوله بموضوعية علمية بعيدًا عن التهويل، وبالاستناد إلى أحدث الدراسات الطبية والآراء الموثوقة.

في هذا الموضوع التقرير  من “طب توداي”، نستعرض الحقيقة من كل الزوايا، ونتحدث عن المخاطر المحتملة، والأنواع المختلفة من السرطان التي تم ربطها باستخدام حبوب منع الحمل، مع توضيح الفرق بين الخرافة والواقع العلمي.


أولًا: ما هي حبوب منع الحمل وكيف تعمل؟

حبوب منع الحمل هي أقراص تحتوي على هرمونات أنثوية صناعية، إما الإستروجين فقط أو مزيج من الإستروجين والبروجستيرون. تعمل هذه الحبوب على:

  • منع التبويض (عدم خروج البويضة من المبيض).
  • زيادة سماكة مخاط عنق الرحم لمنع وصول الحيوانات المنوية للبويضة.
  • تغيير بطانة الرحم لجعلها غير مناسبة لانغراس البويضة.

ثانيًا: هل هناك علاقة بين حبوب منع الحمل والسرطان؟

الإجابة المختصرة: نعم، ولكن ليست بالصورة التي قد تظنها!

فبحسب منظمة الصحة العالمية WHO، واختصاصيي الأورام حول العالم، فإن حبوب منع الحمل مرتبطة بزيادة خطر بعض أنواع السرطان، وفي المقابل تقلل من خطر أنواع أخرى. المفاجأة أن الكفة قد تميل أحيانًا لصالح الحبوب في تقليل خطر الإصابة ببعض السرطانات!


ثالثًا: أنواع السرطان المرتبطة بحبوب منع الحمل

1. سرطان الثدي

تشير بعض الدراسات إلى أن النساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل قد يكنّ أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي بنسبة طفيفة (حوالي 20-30%) مقارنة بغيرهن.
لكن الأمر يعتمد على عدة عوامل، مثل:

  • عمر السيدة عند بدء الاستخدام
  • مدة الاستخدام
  • وجود تاريخ عائلي للسرطان
  • نوع الحبوب المستخدمة

ملحوظة مهمة من طب توداي: بعد مرور 10 سنوات من التوقف عن استخدام الحبوب، تعود مستويات الخطر إلى طبيعتها.


2. سرطان عنق الرحم

يرتبط استخدام الحبوب لفترات طويلة (أكثر من 5 سنوات متواصلة) بزيادة خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، خصوصًا في حالة وجود فيروس HPV، وهو عامل رئيسي في حدوث هذا النوع من السرطان.
لكن الفحص الدوري (مثل مسحة عنق الرحم) يقلل بشكل كبير من هذا الخطر.


رابعًا: مفاجأة.. حبوب منع الحمل تقلل من خطر بعض السرطانات!

نعم، تقلل من فرص الإصابة بسرطان المبيض بنسبة تصل إلى 50%، خاصة عند استخدامها لأكثر من 5 سنوات. ويستمر هذا التأثير الوقائي حتى بعد التوقف عن تناولها.

ومن السرطانات الأخرى التي تنخفض فرص الإصابة بها بفضل الحبوب:

  • سرطان بطانة الرحم
  • سرطان القولون بدرجة بسيطة

خامسًا: رأي العلم الحديث

حسب دراسة نُشرت في مجلة The Lancet Oncology، فإن النساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل لفترة طويلة، قد يكنّ أقل عرضة بشكل عام للإصابة بالسرطان، إذا تم احتساب جميع أنواع السرطان سويًا، وليس كل نوع على حدة.

الدراسة شملت أكثر من 46 ألف امرأة تمت متابعتهن لأكثر من 30 سنة، وخلصت إلى أن الفوائد المحتملة تفوق الأضرار في كثير من الحالات، خاصة إذا لم تكن هناك عوامل وراثية أو مشاكل صحية أخرى.


سادسًا: متى تكون الحبوب خطرًا حقيقيًا؟

  • عند وجود تاريخ عائلي لسرطان الثدي أو الرحم
  • في حال وجود اضطرابات هرمونية مزمنة
  • في حالة الإصابة بفيروس HPV دون علاج أو متابعة
  • إذا استُخدمت الحبوب لأكثر من 10 سنوات متواصلة دون توقف

نصيحة من “طب توداي”: يجب استشارة طبيب النساء أو أخصائي الغدد الصماء قبل البدء في تناول حبوب منع الحمل، خاصة لو كان هناك أي نوع من السرطان في العائلة.


سابعًا: بدائل حبوب منع الحمل الأقل تأثيرًا على احتمالية السرطان

  • اللولب الرحمي (الهرموني أو النحاسي)
  • الواقي الذكري
  • الحقن أو الغرسات الهرمونية (تختلف في تركيبتها وقد لا تكون مرتبطة بزيادة السرطان)
  • الطرق الطبيعية (لكنها تحتاج انضباطًا كبيرًا)

ثامنًا: خلاصة ما توصل إليه الطب

النوع هل يزيد الخطر؟ ملاحظات
سرطان الثدي نعم – بدرجة طفيفة يقل بعد التوقف
سرطان عنق الرحم نعم – مع الاستخدام الطويل يزيد مع وجود HPV
سرطان المبيض لا – ينخفض بنسبة 50% حماية مستمرة
سرطان بطانة الرحم لا – يقل بنسبة واضحة يستمر الأثر بعد التوقف
سرطان القولون لا – يقل قليلًا غير مؤكد

تاسعًا: رأي الأطباء وخبراء الصحة

د. منى عبد الله، أستاذة النساء والتوليد، تقول لـ “طب توداي”:

“لا داعي للذعر من حبوب منع الحمل، فهي وسيلة آمنة وفعالة لمعظم السيدات. فقط يجب استخدامها تحت إشراف طبي، وعدم تجاوز مدة الاستخدام الموصى بها دون متابعة.”

أما د. ياسر خالد، أخصائي الأورام، فيؤكد:

“زيادة خطر السرطان بسبب الحبوب أمر نسبي، ويتأثر بعوامل كثيرة. لا يمكن تعميم الأمر على جميع النساء. في بعض الحالات، قد تكون الحبوب وسيلة حماية من أنواع قاتلة من السرطان.”


عاشرًا: نصائح طب توداي قبل استخدام حبوب منع الحمل

  1. استشيري طبيبك، ولا تتناولي الحبوب بناءً على نصيحة صديقة أو إعلان!
  2. اطلبي إجراء تحاليل هرمونية وفحص للثدي قبل بدء الاستخدام.
  3. قومي بعمل مسحة عنق الرحم دوريًا خاصة إذا كنت تستخدمين الحبوب لأكثر من 3 سنوات.
  4. تابعي مع الطبيب كل 6 أشهر لمراجعة الحالة وتحديد ما إذا كان من المناسب الاستمرار.
  5. كوني على وعي بتاريخك العائلي، فالتاريخ الوراثي يلعب دورًا أساسيًا في تقييم الخطورة.

خلاصة المقال

حبوب منع الحمل لا تُعد خطرًا مطلقًا ولا أمانًا مطلقًا. هي وسيلة فعالة لتنظيم الأسرة، لكن يجب أن تُستخدم بذكاء، وبناءً على تقييم طبي دقيق. العلم يقول إنها قد تزيد من خطر بعض أنواع السرطان، لكنها في الوقت نفسه تقلل من خطر أنواع أخرى، وربما تمنح حماية تمتد لأعوام بعد التوقف عنها.

المفتاح دائمًا هو التوازن والوعي والمتابعة الطبية المنتظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى