د. شريف المغربي: لماذا يظهر الربو فجأة بعد سن الثلاثين؟

كتبت رقية جمال

الربو التحسسي هو اضطراب تنفسي مزمن يُصيب الشعب الهوائية نتيجة فرط تفاعل الجهاز المناعي مع محفزات بيئية مثل الغبار، وبر الحيوانات، الدخان، والعطور.
وعلى عكس ما هو شائع، فإن الربو لا يُصيب الأطفال فقط، بل قد يظهر عند البالغين لأول مرة بعد سن الثلاثين، فيما يُعرف بـ الربو المتأخر أو المتأصل في البالغين.

يؤكد د. هشام أبو اليزيد، أستاذ الأمراض الصدرية والحساسية بكلية الطب جامعة القاهرة، في حديثه لـ”طب توداي”، أن الربو التحسسي المتأخر يُعد ظاهرة متزايدة تستحق الانتباه، خاصة في المدن الكبرى التي تعاني من معدلات تلوث عالية.


لماذا يظهر الربو فجأة بعد سن الثلاثين؟

يعود السبب في ظهور الربو بعد الثلاثين إلى مجموعة من العوامل البيئية والمناعية التي تتفاعل بمرور الوقت، وتُهيئ الجسم للإصابة.
من أبرز هذه الأسباب:

1. التلوث البيئي:

يؤدي استنشاق الهواء الملوث على مدى سنوات إلى إضعاف بطانة الجهاز التنفسي، وتحفيز الجهاز المناعي لإفراز مواد التهابية تؤدي إلى تضيق الشعب الهوائية.

2. التغير المناعي التدريجي:

بعض الأشخاص قد يولدون بميل وراثي للتحسس، لكنه لا يظهر إلا بعد التعرض المطوّل لمثيرات معينة، أو بعد الإصابة بعدوى فيروسية قوية تؤثر على المناعة.

3. نمط الحياة:

التدخين، قلة النشاط البدني، التعرض المستمر للمواد الكيميائية في أماكن العمل، أو حتى استخدام بعض أنواع العطور والمنظفات، قد تكون من العوامل المحفزة.


أعراض الربو التحسسي المتأخر: لا تتجاهل الإشارات

يشير د. شريف المغربي، استشاري أمراض الصدر والحساسية بمستشفى المنيرة، إلى أن البالغين قد لا يربطون أعراضهم اليومية بالربو، ويعتقدون أنها مجرد “دور برد متكرر”، وهو ما يؤخر التشخيص.

أهم الأعراض تشمل:

  • ضيق النفس المفاجئ، خصوصًا ليلاً أو فجراً
  • صفير أو أزيز أثناء الزفير
  • السعال المزمن أو المتكرر، خاصة بعد التمارين أو التعرض للبرد
  • شعور بالثقل في الصدر
  • نوبات اختناق بعد شم الروائح أو التعرض لغبار

كيف يتم تشخيص الربو المتأخر؟

يعتمد التشخيص على الجمع بين التاريخ المرضي، ونتائج الفحوصات، مثل:

  • اختبار وظائف الرئة (Spirometry): يقيس مدى توسع وانقباض الشعب الهوائية
  • اختبار التحسس الجلدي أو الدموي: يحدد مدى استجابة الجسم للمثيرات
  • أشعة على الصدر: لاستبعاد أمراض أخرى كالتليف أو الانسداد الرئوي المزمن

ويؤكد د. هدى عبد المجيد، أخصائية أمراض المناعة والصدر، أن “الوعي بأن السعال أو ضيق النفس المزمن قد يكون مؤشراً على الربو التحسسي هو خطوة أولى في طريق العلاج”.


ما الفرق بين الربو التحسسي عند الكبار والأطفال؟

  • الأعراض أكثر استمرارًا عند البالغين، وقد تكون مرتبطة بالتوتر أو الإجهاد
  • الاستجابة للعلاج أبطأ نتيجة تأخر التشخيص
  • ارتفاع خطر المضاعفات مثل الالتهاب الرئوي أو انخفاض كفاءة الرئة مع الوقت
  • قلة وجود أمراض مصاحبة للحساسية مثل الأكزيما أو التهاب الأنف التحسسي، مقارنة بالأطفال

العلاج: من البخاخات إلى العلاجات البيولوجية الحديثة

يُقسم علاج الربو إلى نوعين:

1. العلاجات اليومية طويلة المفعول:

  • بخاخات الكورتيزون لتقليل الالتهاب
  • موسعات الشعب طويلة المدى مثل “سالميترول”
  • أقراص مضادة للحساسية أو مثبطات الليكوترين

2. العلاجات الفورية للأزمات:

  • بخاخات موسعة مثل “فينتولين”
  • الكورتيزون الفموي في حالات الطوارئ

وفي حالات الربو المقاوم للعلاج، يمكن اللجوء إلى:

العلاج البيولوجي:

  • مثل “أوماليزوماب” أو “ميفوليزوماب”، وهي أدوية تُحقن مرة أو مرتين شهرياً وتعمل على تعديل الاستجابة المناعية.

هل يمكن الوقاية من الربو التحسسي المتأخر؟

نعم، وهناك عدة استراتيجيات فعالة:

  • تجنب التدخين والمناطق المزدحمة والملوثة
  • تنظيف المنزل من الغبار ووبر الحيوانات
  • استخدام وسائد مضادة للحساسية
  • المحافظة على تهوية جيدة في المنزل
  • ارتداء الكمامات في الأماكن العامة أو أثناء تنظيف الغبار

العوامل النفسية وتأثيرها على الربو

يشير الأطباء إلى أن الضغط النفسي والاكتئاب قد يؤديان إلى تفاقم الربو التحسسي.
ويُوصى بالدمج بين العلاج النفسي والجسدي، خاصة لدى المرضى الذين يلاحظون تفاقم الأعراض مع القلق أو التوتر.


دور الأسرة والوعي المجتمعي

تُشكل الأسرة خط الدفاع الأول، خاصة في رصد الأعراض وتشجيع الشخص على استشارة الطبيب.
كما أن حملات التوعية المجتمعية حول الربو وأسبابه ومضاعفاته يمكن أن تُحدث فرقاً في سرعة التشخيص والعلاج.


طب توداي توصي: لا تؤجل زيارة الطبيب إذا كنت تعاني من أعراض غير مبررة

حتى لو لم يكن لديك تاريخ سابق من الربو أو الحساسية، لا تُهمل الأعراض التنفسية المتكررة، خاصة بعد سن الثلاثين.
التشخيص المبكر والعلاج المنتظم هما مفتاح السيطرة على الربو وتفادي مضاعفاته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى