فقدان الوزن غير المبرر… متى يكون ناقوس خطر على صحتك؟
كتبت سالي صلاح

في الوقت الذي يسعى فيه كثيرون إلى فقدان الوزن من خلال الحمية والرياضة، يُفاجأ البعض بتراجع مفاجئ في وزنهم دون أي سبب واضح، ودون تغيير في نظامهم الغذائي أو مستوى نشاطهم البدني. وقد يُنظر إلى هذا التغير في البداية باعتباره أمرًا إيجابيًا، لكنه في الحقيقة قد يكون الإنذار الأول لحالة صحية خطيرة.
فقدان الوزن غير المبرر ليس مجرد عرض عابر، بل قد يكون عرضًا تحذيريًا لعدة أمراض، بعضها بسيط ويحتاج تعديلًا في نمط الحياة، وبعضها يتطلب تدخلًا طبيًا سريعًا.
يستعرض لكم طب توداي في هذا التقرير أهم الأسباب المحتملة لفقدان الوزن غير المبرر، العلامات المصاحبة له، ومتى يجب زيارة الطبيب، مع نصائح للحفاظ على التوازن الصحي للجسم.
ما المقصود بفقدان الوزن غير المبرر؟
يعرف فقدان الوزن غير المبرر بأنه خسارة أكثر من 5% من وزن الجسم خلال 6 إلى 12 شهرًا دون اتباع نظام غذائي أو ممارسة رياضة بشكل منتظم.
على سبيل المثال، إذا فقد شخص وزنه من 70 كيلوجرامًا إلى أقل من 66.5 كيلوجرامًا في فترة قصيرة دون تفسير واضح، فإن الأمر يحتاج إلى فحص طبي دقيق، خاصة إذا كان مصحوبًا بأعراض أخرى مثل الإرهاق أو فقدان الشهية أو التعرق الليلي.
الأسباب المحتملة لفقدان الوزن المفاجئ
1. اضطرابات الجهاز الهضمي
مشاكل مثل القولون العصبي، قرحة المعدة، مرض كرون، أو حساسية الجلوتين يمكن أن تؤثر على امتصاص الطعام وتؤدي إلى خسارة الوزن.
2. اضطرابات الغدة الدرقية
فرط نشاط الغدة الدرقية يزيد من معدل الحرق في الجسم، مما يؤدي إلى فقدان الوزن رغم تناول كميات كافية من الطعام.
3. السكري غير المشخص
في بعض الحالات، يكون فقدان الوزن المفاجئ أحد الأعراض المبكرة لمرض السكري من النوع الأول، نتيجة فقدان الجسم للسكريات في البول ونقص الطاقة.
4. السرطان
يُعد فقدان الوزن غير المبرر من الأعراض التحذيرية المبكرة لبعض أنواع السرطان، خاصة سرطان المعدة، البنكرياس، القولون، أو الرئة.
5. الأمراض النفسية
الاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل (مثل فقدان الشهية العصبي أو البوليميا) تؤدي إلى انخفاض الشهية أو الإفراط في الحركة دون تعويض كافٍ بالغذاء.
6. أمراض القلب أو الكُلى أو الكبد
هذه الأمراض تؤثر على شهية المريض وقدرته على الاحتفاظ بالسوائل والمواد الغذائية، مما يُسبب تراجعًا تدريجيًا في الوزن.
7. العدوى المزمنة
مثل السل، فيروس نقص المناعة (الإيدز)، وبعض الالتهابات الفيروسية التي تُرهق الجسم وتستهلك طاقته، مما يؤدي إلى فقدان الوزن حتى مع التغذية الجيدة.
علامات يجب الانتباه لها مع فقدان الوزن
- ضعف مستمر في الجسم
- فقدان الشهية أو الشعور بالشبع بسرعة
- تعرق ليلي
- آلام غير مبررة في البطن أو المفاصل
- تغير في لون الجلد أو العينين
- تورم في الرقبة أو الغدد الليمفاوية
- صعوبة في البلع أو الهضم
- تغير في عادات التبرز
متى يجب زيارة الطبيب؟
لا يُنصح بتجاهل فقدان الوزن المفاجئ، حتى لو كان بسيطًا، إذا كان مصحوبًا بأي من الأعراض السابقة.
ينبغي استشارة الطبيب فورًا إذا:
- فقدت أكثر من 4 إلى 5 كجم خلال 6 أشهر دون سبب واضح
- لاحظت أعراضًا جديدة وغير معتادة
- لديك تاريخ عائلي لأمراض مزمنة أو سرطانية
- كنت تعاني من مرض مزمن وزاد فقدان الوزن فجأة
الفحوصات المطلوبة لتحديد السبب
عند مراجعة الطبيب، قد يطلب مجموعة من الفحوصات تشمل:
- تحليل دم شامل
- فحص وظائف الغدة الدرقية
- تحليل البول والبراز
- الأشعة أو الموجات فوق الصوتية
- فحص وظائف الكبد والكلى
- تحاليل الأورام أو العدوى
- تقييم نفسي إذا لزم الأمر
كيف يمكن الوقاية من فقدان الوزن غير المبرر؟
1. مراقبة الوزن بانتظام
تسجيل وزنك أسبوعيًا يُساعدك على ملاحظة أي تغيرات مفاجئة. التغيرات غير المقصودة تستدعي التقييم.
2. اتباع نظام غذائي متوازن
تناول وجبات غنية بالبروتين والفيتامينات والمعادن، وتجنب الوجبات السريعة والفقيرة غذائيًا.
3. معالجة المشكلات النفسية
الاكتئاب والقلق قد يمرّان دون ملاحظة، لكنهما ينعكسان على الشهية والوزن. الدعم النفسي ضروري.
4. الراحة والنوم الكافي
النوم يؤثر على التوازن الهرموني والجهاز المناعي، وقلة النوم تزيد من فقدان الوزن أو تؤثر على الشهية.
5. الكشف الدوري
الفحوصات الروتينية تساعد في الاكتشاف المبكر لأي مشكلة صحية قد تؤدي إلى فقدان الوزن.
تجارب واقعية من المرضى
“لم أكن أعلم أن فقداني للوزن هو أول إشارة على إصابتي بالسكري. كنت أظنه نتيجة للضغط في العمل، لكن الطبيب اكتشف الأمر مبكرًا بفضل التحاليل.” — أحمد، 38 عامًا
“فقدت 6 كجم خلال شهرين دون رجيم، واكتشفت بعد فحوصات أن السبب كان نشاط زائد في الغدة الدرقية، والحمد لله بدأت العلاج.” — نجلاء، 31 عامًا
ماذا يقول الأطباء؟
يؤكد الأطباء أن فقدان الوزن غير المبرر يُعامل كعرض خطير لا يجب تجاهله. وعلى عكس فقدان الوزن المخطط له في الحميات، فإن هذا النوع قد يكون إشارة على أمراض داخلية مزمنة أو حادة.
يقول د. محمد فوزي، أخصائي الباطنة: “كلما تم اكتشاف السبب مبكرًا، زادت فرص العلاج الناجح. لا ينبغي أبداً اعتبار انخفاض الوزن المفاجئ أمرًا إيجابيًا دون تشخيص دقيق.”
خلاصة التقرير
فقدان الوزن غير المبرر ليس دائمًا علامة جيدة كما يظن البعض. بل هو جرس إنذار مبكر قد يُشير إلى وجود خلل داخلي في الجسم يجب الانتباه إليه.
إن تجاهل هذا العرض قد يؤدي إلى تأخير اكتشاف أمراض خطيرة كان من الممكن علاجها مبكرًا. لذلك ينصح “طب توداي” بعدم التهاون مع أي تغير غير مبرر في الوزن، واللجوء للفحص الطبي الكامل فور ملاحظة ذلك.
الجسم لا يكذب، وكل تغير فيه هو رسالة واضحة تستحق أن تُسمع جيدًا.