د.عمرو عبد الوهاب بدير: إزاي تعرفي إن طفلك عنده سوء تغذية؟

كتبت ـ سارة الدغيدي

كيف تعرف الأم أن طفلها يعاني من سوء التغذية؟سوء التغذية لم يعد مشكلة مقتصرة على الفقراء أو على الدول النامية فحسب، بل أصبح واحدًا من أكثر التحديات الصحية شيوعًا التي تواجه الأطفال في مراحل النمو المختلفة، سواء كان بسبب نقص العناصر الغذائية أو العادات الغذائية الخاطئة أو حتى الإفراط في تناول أطعمة غير صحية.

في هذا الحوار الخاص لـ”طب توداي”، يشرح د. عمرو عبد الوهاب بدير، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، كيف تكتشف الأم أن طفلها يُعاني من سوء التغذية، ومتى يكون الأمر خطيرًا ويستدعي تدخلًا طبيًا، وما الذي ينبغي عليها فعله قبل زيارة الطبيب.


دكتور عمرو، في البداية… ما المقصود بسوء التغذية عند الأطفال؟

سوء التغذية عند الأطفال هو اختلال في التوازن الغذائي الذي يحتاجه الجسم للنمو الطبيعي، وقد يظهر هذا الخلل في صور متعددة:

  • نقص الوزن أو النحافة المفرطة

  • تأخر النمو

  • ضعف المناعة

  • الأنيميا أو فقر الدم

  • أو حتى زيادة الوزن نتيجة الاعتماد على سعرات حرارية خالية من العناصر الأساسية

وبالتالي، فإن سوء التغذية لا يعني فقط قلة الأكل، بل يعني عدم كفاية العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتين، الحديد، الكالسيوم، الفيتامينات، الزنك، وغيرها، حتى لو كان الطفل يأكل كميات كبيرة.


الدكتور عمرو عبد الوهاب بدير استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة

ما العلامات التي يجب أن تنتبه لها الأم في المنزل؟

هناك عدة مؤشرات صامتة قد لا تلاحظها الأم مباشرة، لكنها تدق ناقوس الخطر، منها:

  • فقدان الشهية المستمر

  • الفتور والتعب المتكرر

  • شحوب الوجه وضعف التركيز

  • تكرار العدوى والالتهابات بسهولة

  • جفاف الجلد أو تساقط الشعر

  • تأخر ظهور الأسنان أو المشي

  • نحافة ملحوظة أو بروز عظام الجسم

  • تأخر في الطول مقارنة بالأطفال في نفس الفئة العمرية

كما أن وجود بقع بيضاء على الأظافر، أو تشقق الشفاه المزمن، أو انتفاخ البطن مع ضعف عام في الأطراف قد يكون علامة على نقص بروتينات أو معادن أساسية.


ومتى يجب أن تقلق الأم وتقرر الذهاب للطبيب فورًا؟

بعض العلامات لا ينبغي تجاهلها أبدًا، وهي تستدعي تدخلًا فوريًا:

  • هبوط شديد في الوزن خلال فترة قصيرة

  • توقف مفاجئ في النمو أو عدم زيادة الطول مع تقدم العمر

  • تكرار النزلات المعوية أو التهابات الصدر

  • طفل يرفض الأكل تمامًا لأيام

  • وجود وهن عام أو ضعف في العضلات

  • تورم القدمين أو البطن

عند ظهور هذه العلامات، لا يجب الانتظار أو الاعتماد على المكملات من تلقاء النفس، بل يجب زيارة الطبيب فورًا لتشخيص الحالة بدقة.


قبل الذهاب إلى الطبيب… ما الذي يجب أن تفعله الأم في البيت؟

من المهم أن تُحضّر الأم جيدًا قبل زيارة العيادة:

  1. تدوين كل الملاحظات عن تغذية الطفل خلال آخر أسبوعين (ما يأكله، عدد الوجبات، الكميات، نوع الطعام).

  2. متابعة الوزن والطول وتسجيل أي تغييرات ملحوظة.

  3. رصد سلوكيات الطفل مثل النوم، النشاط، الشهية، البكاء، إلخ.

  4. تجهيز تقرير صغير عن التاريخ الصحي للعائلة: هل هناك أمراض مزمنة؟ حساسية غذائية؟ مشاكل في النمو عند الأشقاء؟

  5. إحضار نتائج أي تحاليل أو أشعة سابقة إن وُجدت.


هل هناك أسباب غير غذائية قد تؤدي لسوء التغذية عند الأطفال؟

نعم بالتأكيد، وسوء التغذية قد يكون نتيجة لواحدة أو أكثر من الأسباب التالية:

  • مشاكل في الجهاز الهضمي مثل سوء الامتصاص أو حساسية القمح (السيلياك)

  • أمراض مزمنة مثل القلب أو الكلى

  • التهابات متكررة تؤثر على شهية الطفل

  • اضطرابات نفسية أو سلوكية تؤدي لرفض الطعام أو الأكل الانتقائي

  • مشاكل في الفم أو البلع

ولهذا فإن التشخيص لا يجب أن يكون قائمًا فقط على المظهر الخارجي، بل يحتاج إلى تقييم طبي شامل.


وماذا عن الأطفال الذين يتناولون أطعمة بكثرة ولكنهم ما زالوا يعانون من سوء التغذية؟

هذه من أكثر الحالات التي تخدع الأهل، فالطفل قد يكون يتناول كميات كبيرة من الطعام، لكن نوعية الطعام سيئة جدًا.

مثال: الطفل الذي يعتمد على البطاطس المحمرة، الحلويات، الشيبسي، والمعجنات فقط، قد يكون ممتلئًا ولكن يفتقر للبروتين والفيتامينات والمعادن.

وهذا ما يسمى بـ**”السُمنة الناقصة”** أو Malnourished Obesity، وهي حالة خطيرة تحتاج لتعديل جذري في النظام الغذائي.


ما النصائح الذهبية التي تقدمها الأمهات لتفادي هذه المشكلة؟

نصائح “طب توداي” بالتعاون مع د. عمرو عبد الوهاب بدير:

  1. تقديم وجبات متوازنة تحتوي على البروتين، النشويات، الخضار، والفاكهة.

  2. تقليل الاعتماد على الوجبات السريعة أو المصنعة.

  3. تعويد الطفل على أوقات ثابتة لتناول الطعام.

  4. تقديم الطعام بشكل جذاب ومحفّز.

  5. متابعة الوزن والطول شهريًا.

  6. الانتباه لأي تغيير مفاجئ في الشهية أو النشاط.

  7. عدم الضغط على الطفل للأكل بالقوة، بل اللعب الذكي على تنويع الطعام.

  8. عدم إعطاء مكملات غذائية من الصيدلية دون استشارة الطبيب.


ما دور التحاليل والفحوصات في تشخيص سوء التغذية؟

هناك تحاليل أساسية تساعد في تشخيص الحالة بدقة:

  • تحليل دم كامل (CBC) للكشف عن فقر الدم

  • تحليل فيتامين D

  • تحليل الحديد والزنك

  • اختبارات وظائف الكبد والكلى

  • تحاليل البراز للكشف عن سوء الامتصاص أو الطفيليات

وإذا لزم الأمر، قد يتم إجراء أشعة أو فحوصات متقدمة إذا كان هناك تأخر في النمو أو الاشتباه في مشكلة مزمنة.


خلاصة “طب توداي”: هل يمكن علاج سوء التغذية بسهولة؟

نعم، في معظم الحالات، يمكن علاج سوء التغذية بسهولة إذا تم اكتشافه مبكرًا، لكن الخطورة تكمن في تجاهل العلامات الأولى.

ويظل الوعي الأسري والتغذية المتوازنة اليومية والمتابعة الطبية الدورية هي الركائز الثلاثة للوقاية من هذه المشكلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى