د. سالي غلوش: التشخيص المبكر والعلاج السلوكي قد ينقذ المصابين باضطراب الشخصية الحدي
كتبت/ مي السايح

في حوار خاص مع «طب توداي»، تسلط الدكتورة سالي غلوش، استشاري الصحة النفسية بجامعة ليدز – إنجلترا، وعضو مجلس إدارة عيادات “ذات”، الضوء على أحد أكثر اضطرابات الشخصية تعقيدًا وتأثيرًا على جودة الحياة: اضطراب الشخصية الحدية (BPD)، الذي غالبًا ما يُساء فهمه أو يُخلط بينه وبين تقلبات المزاج العادية.
تقول د. سالي إن اضطراب الشخصية الحدية هو اضطراب نفسي عميق يؤثر على طريقة تفكير الفرد في نفسه والآخرين، ويقود إلى علاقات غير مستقرة، وردود فعل عاطفية عنيفة، وسلوكيات اندفاعية قد تصل إلى حد إيذاء النفس.
علامات واضحة.. ومشاعر لا تُحتمل
توضح د. سالي أن من أبرز أعراض هذا الاضطراب:
• الخوف الشديد من الهجر حتى لو كان غير مبرر.
• علاقات عاطفية متقلبة بين المثالية والنفور.
• صورة ذاتية غير مستقرة أو مشوهة.
• سلوكيات اندفاعية خطرة مثل المقامرة أو القيادة المتهورة أو إيذاء النفس.
• نوبات من الغضب الشديد والتصرفات العدائية.
• الشعور الدائم بالخواء أو اللاشيء.
وتضيف: “المريض غالبًا ما يشعر وكأنه على حافة الانفجار العاطفي، ولا يملك أدوات التحكم في سلوكياته، ما يجعله عُرضة لفقدان العلاقات أو خسارة فرص العمل أو حتى إيذاء نفسه جسديًا”.
توقيت حرج.. يبدأ مبكرًا ويتأزم سريعًا
تشير د. سالي إلى أن اضطراب الشخصية الحدية غالبًا ما يبدأ في مرحلة المراهقة أو بدايات العشرينات، ويتفاقم في السنوات الأولى من البلوغ. إلا أن بعض الأعراض، كالتقلبات المزاجية، تميل إلى التحسن مع التقدم في العمر، بينما تستمر الصراعات الداخلية العميقة المتعلقة بالخوف من الهجر والصورة الذاتية المشوهة.
عوامل الخطر.. بين الوراثة والبيئة
وعن أسباب الإصابة، توضح أن الاضطراب قد ينتج عن مزيج من العوامل، من بينها:
• الوراثة: وجود تاريخ عائلي لمشكلات نفسية.
• تجارب الطفولة الصادمة: مثل التعرض للإهمال، الإيذاء الجسدي أو العاطفي، أو التحرش.
• تغيرات في الدماغ: أظهرت بعض الدراسات وجود خلل في المناطق المسؤولة عن التحكم في المشاعر والاندفاع.
مضاعفات خطيرة.. وعلاقات ممزقة
تشدد د. سالي على أن اضطراب الشخصية الحدية لا يؤثر فقط في الفرد نفسيًا، بل ينعكس أيضًا على محيطه، مسببًا مشكلات مهنية، وتوترات عائلية، وأزمات في العلاقات الاجتماعية. وتشمل أبرز المضاعفات:
• صعوبة الاحتفاظ بالوظائف.
• مشاكل قانونية متكررة.
• محاولات الانتحار أو الانعزال التام.
• اضطرابات أخرى مصاحبة مثل الاكتئاب، الإدمان، اضطرابات القلق واضطراب كرب ما بعد الصدمة.
متى يجب زيارة الطبيب؟
تحذر د. سالي: “إذا شعرت بأن علاقاتك تنهار بسبب خوفك من الفقد، أو لاحظت تقلبات حادة في مشاعرك تدفعك لسلوكيات مدمرة، أو راودتك أفكار انتحارية، فهذا إنذار نفسي لا يجب تجاهله”.
وتضيف: “طلب المساعدة من متخصص نفسي هو أول خطوة في طريق العلاج والشفاء”.
العلاج ممكن.. والتعافي حقيقي
على الرغم من صعوبة الاضطراب، تؤكد د. سالي أن العلاج النفسي، خصوصًا العلاج السلوكي الجدلي (DBT)، أظهر نتائج فعالة في تحسين سلوكيات المصابين وتحقيق استقرار نفسي نسبي. كما يُوصى بالعلاج الدوائي عند وجود أعراض اكتئاب أو قلق شديدين.