الحلويات في عيد الأضحى: لذة لا تُقاوم وأضرار لا تُغتفر!
كتبت - داليا عماد

عيد الأضحى المبارك، بأجوائه الروحانية والعائلية، لا يكتمل دون الحلويات التقليدية اللذيذة التي تُزين موائدنا بعد الأطباق الرئيسية. ومن أشهر هذه الحلويات في مجتمعاتنا “أم علي”، و”أرز بلبن”، و”الكنافة”، و”القطايف”، بالإضافة إلى الشوكولاتة والمعجنات السكرية المتنوعة.
لكن لذة هذه الحلويات تخفي خلفها كمية هائلة من السكريات والدهون والسعرات الحرارية، والتي قد تُلحق بالجسم أضرارًا صحية جسيمة إذا لم تُتناول باعتدال. فهل يمكننا الاستمتاع بحلويات العيد دون أن ندفع الثمن لاحقًا؟ وهل هناك بدائل صحية يمكن تناولها بأمان؟ هذا ما سنحاول استكشافه سويًا في هذا التحقيق الصحفي.
لماذا نُقبل على الحلويات في العيد؟
- تُعد الحلويات عنصرًا أساسيًا في طقوس الاحتفال في العيد، لأسباب متعددة:
- الاحتفال والفرح: ارتبطت الحلويات بالفرح منذ القدم، وهي وسيلة للتعبير عن الحب والمشاركة الاجتماعية.
- الطاقة الفورية: تحتوي الحلويات على سكريات بسيطة تُعطي دفعة سريعة من الطاقة، وهذا ما يبحث عنه الجسم بعد أيام من الصيام أو المجهود.
- العادة والتقاليد: تربينا على أن العيد لا يكتمل إلا بطبق “أرز بلبن” أو “أم علي” أو “الكنافة الساخنة”، مما يجعل من الصعب مقاومة هذه العادة.
- الضيافة: تعتبر الحلويات طريقة للتكريم والتقدير عند استقبال الضيوف، مما يجعلنا نستهلكها بشكل مكرر في نفس اليوم.
القيمة الغذائية لحلويات العيد
رغم الطعم الشهي الذي تتميز به حلويات العيد، إلا أن القليل منها يحتوي على قيمة غذائية متكاملة. فمعظم هذه الأطباق تعتمد بشكل أساسي على:
- السكر الأبيض: مصدر سريع للطاقة لكنه يرفع نسبة الجلوكوز في الدم بشكل مفاجئ.
- الدهون المشبعة: خصوصًا الزبدة والسمن المستخدم في الحلويات الشرقية.
- الدقيق الأبيض: يفتقر للألياف والعناصر الغذائية المفيدة.
- الحليب كامل الدسم: يضيف سعرات حرارية عالية ودهون مشبعة.
فعلى سبيل المثال، طبق واحد متوسط الحجم من “أرز بلبن” يمكن أن يحتوي على أكثر من 400 سعرة حرارية، في حين أن قطعة كنافة متوسطة الحجم تصل إلى 500 سعرة أو أكثر.
الأضرار الناتجة عن الإفراط في تناول الحلويات
ارتفاع نسبة السكر في الدم
السكريات البسيطة ترفع مستويات الجلوكوز بسرعة، مما يجهد البنكرياس لإفراز الإنسولين. ومع تكرار هذه العملية، يمكن أن يتطور الأمر إلى مقاومة الإنسولين أو حتى الإصابة بالسكري من النوع الثاني، خاصة لمن لديهم استعداد وراثي.
زيادة الوزن
السعرات الحرارية العالية في الحلويات، إذا لم تُقابل بحرق مناسب، تُخزن في الجسم على شكل دهون، مما يؤدي إلى السمنة.
اضطرابات الهضم
تُسبب الحلويات شعورًا بالثقل في المعدة، والانتفاخ، وحرقة المعدة، خاصة عند تناولها بكميات كبيرة بعد وجبات دسمة.
التأثير على صحة القلب
الدهون المشبعة والمهدرجة المستخدمة في صنع الحلويات ترفع من مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
تأثيرات على المزاج والطاقة
رغم أن السكر يُعطي طاقة فورية، إلا أن تأثيره مؤقت. سرعان ما تنخفض مستويات الطاقة فجأة، ما يؤدي إلى الخمول والتقلبات المزاجية، وقد يسبب الإدمان النفسي على السكريات.
تسوس الأسنان
السكريات تُعد البيئة المثالية لنمو البكتيريا داخل الفم، مما يزيد من احتمالية التسوس والتهابات اللثة.
فئات يجب أن تتوخى الحذر
بعض الفئات يجب أن تكون أكثر حذرًا في استهلاك الحلويات خلال العيد، مثل:
- مرضى السكري.
- من يعانون من ارتفاع الكوليسترول.
- الأشخاص المصابون بمشاكل في المعدة أو الكبد.
- الأطفال، بسبب ضعف جهازهم الهضمي وتأثرهم السريع بالسكريات.
- كبار السن، نتيجة ضعف التمثيل الغذائي وتأثر القلب.
كيف نتناول الحلويات بأمان خلال العيد؟
يمكننا الاستمتاع بحلويات العيد دون الشعور بالذنب إذا التزمنا ببعض القواعد الصحية:
الاعتدال هو المفتاح
يكفي تناول قطعة صغيرة من نوع واحد فقط في اليوم. ويفضل أن يكون ذلك بعد الوجبة بساعتين، حتى لا يكون هناك حمل زائد على الجهاز الهضمي.
تجنب الإضافات الثقيلة
مثل القشطة، الكريمة، المكسرات المُحمصة بالزبدة أو الشوكولاتة السائلة.
استبدال السكر الأبيض
بمحليات طبيعية مثل العسل أو سكر جوز الهند، أو حتى تقليل كمية السكر المستخدمة في وصفات الحلويات.
تحضير الحلويات في المنزل
هذا يسمح بالتحكم في نوعية المكونات وكمياتها. يمكن استخدام الحليب قليل الدسم، الدقيق الأسمر، وتقليل الزبدة.
شرب الماء بكثرة
يساعد على تقليل الرغبة في الأكل العشوائي ويُحسّن من عملية الهضم.
ممارسة الرياضة
المشي بعد الوجبات يُعد وسيلة فعّالة لحرق جزء من السعرات الزائدة وتحسين المزاج العام.
بدائل صحية لحلويات العيد
إليك بعض البدائل التي يمكن تناولها بأمان نسبي خلال العيد، بشرط الاعتدال:
1. فواكه مجففة
مثل التمر، المشمش المجفف، أو الزبيب، فهي تحتوي على سكريات طبيعية وألياف.
2. أرز بلبن قليل الدسم
يمكن تحضيره باستخدام الحليب النباتي أو قليل الدسم، وتحليته بالعسل بدلًا من السكر.
3. الكنافة المشوية
تُعد الكنافة باستخدام زيت جوز الهند بدلًا من الزبدة، وتحليتها بكمية معتدلة من القطر المخفف.
4. تشيز كيك خفيف
يُحضّر باستخدام الزبادي خالي الدسم وبسكويت الشوفان بدلًا من البسكويت المليء بالدهون.
5. بودينغ الشيا
محضر من حليب اللوز وبذور الشيا والعسل، ويعتبر بديلًا مغذيًا ومشبعًا.
التوازن النفسي في تناول الحلويات
من المهم أن نُدرّب أنفسنا على الأكل الواعي، أي أن نأكل ونحن مدركون لما نأكله، لا بسبب التوتر أو الملل أو المجاملة.
من الأفضل أن نُعطي الحلويات مكانًا صغيرًا في يومنا، لا أن نجعلها الوجبة الرئيسية في كل زيارة أو جلسة. فالتوازن ليس حرمانًا، بل هو أسلوب حياة ذكي.
خلاصة
حلويات العيد جزء أصيل من ثقافتنا، ولا ضير في الاستمتاع بها بين الحين والآخر. لكن الإفراط فيها قد يؤدي إلى مشاكل صحية قد تمتد آثارها لما بعد العيد بوقت طويل.
الاعتدال، والاختيار الذكي، واتباع بعض العادات الصحية البسيطة يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في طريقة تعاملك مع السكريات.
لذا في العيد القادم، دع فرحتك تكتمل بصحة جيدة ووعي غذائي راقٍ، فالصحة أثمن من كل أطباق الحلويات في العالم.